ما هو روبوت المحادثة؟

يُعدّ روبوت المحادثة، في أبسط تجلّ له، برنامج كمبيوتر يحاكي المحادثة البشرية (المكتوبة أو المنطوقة) ويعالجها، ما يتيح للبشر التفاعل مع الأجهزة الرقمية كما لو كانوا يتواصلون مع شخص حقيقي. يمكن أن تكون روبوتات المحادثة بسيطة مثل البرامج البدائية التي تجيب عن استعلام بسيط من خلال استجابة مكونة من سطر واحد، أو متطورة مثل المساعدات الرقمية التي تتعلم وتطوَّر لتقديم مستويات متزايدة من التخصيص أثناء قيامها بجمع المعلومات ومعالجتها.


من المحتمل أنك قد تفاعلتَ مع أحد روبوتات المحادثة سواء كنتَ تدرك ذلك أم لا. على سبيل المثال، عندما تبحث على جهاز الكمبيوتر الخاص بك عن منتج ما، وتظهر لك نافذة على الشاشة تسألك عما إذا كنت بحاجة إلى المساعدة. أو ربما كنتَ في طريقك إلى حفلة موسيقية وكنتَ تستخدم هاتفك الذكي لطلب سيارة عبر الدردشة. أو ربما تكون قد استخدمت الأوامر الصوتية لطلب القهوة من مقهى الحي الخاص بك وتلقيت ردًا يخبرك بالموعد الذي سيكون طلبك جاهزًا فيه وتكلفته. هذه كلها أمثلة على السيناريوهات التي قد تواجه فيها روبوت محادثة.

كيف تعمل روبوتات المحادثة؟

تقوم روبوتات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي، والقواعد الآلية، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والتعلم الآلي (ML)، بمعالجة البيانات لتقديم استجابات للطلبات على اختلاف أنواعها.

هناك نوعان رئيسيان من روبوتات المحادثة.

  • روبوتات المحادثة (غير الإجرائية) لتحقيق مهام محددة هي برامج أحادية الغرض تركز على أداء وظيفة واحدة. وباستخدام القواعد ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) وقدر ضئيل من التعلم الآلي (ML)، تُنشئ ردودًا تلقائية ولكنها حوارية على استعلامات المستخدم. تتميز التفاعلات مع روبوتات المحادثة هذه بأنها محددة للغاية ومنظمة وأكثرها قابلية للتطبيق على وظائف الدعم والخدمة—الأسئلة الشائعة التفاعلية، والتفكير بطريقة سليمة. يمكن لروبوتات المحادثة الموجهّة لتحقيق مهام محددة التعامل مع الأسئلة الشائعة، مثل الاستفسارات عن ساعات العمل أو المعاملات البسيطة التي لا تتضمن مجموعة متنوعة من المتغيرات. ورغم أنها تستخدم معالجة اللغة الطبيعية بحيث يتمكن المستخدمون النهائيون من تجربتها بطريقة حوارية، فقدراتها بسيطة إلى حد ما. وهي في الوقت الحالي أكثر أنواع روبوتات المحادثة استخدامًا.
  • روبوتات المحادثة القائمة على البيانات والتنبؤية (التحاورية) وغالبًا ما يُشار إليها باسم المساعدات الظاهرية أو المساعدات الرقمية، وهي أكثر تطورًا وتفاعلاً وتخصيصًا من روبوتات المحادثة الموجهة نحو تحقيق مهام محدّدة. وتتميز روبوتات المحادثة هذه بأنها مدركة للسياق وتستفيد من فهم اللغة الطبيعية (NLU)، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والتعلّم الآلي (ML) للتعلم أولاً بأول. وهي تطبق الذكاء والتحليلات التنبؤية لتمكين التخصيص استنادًا إلى ملفات تعريف المستخدمين وسلوك المستخدم السابق. ويمكن للمساعدات الرقمية معرفة تفضيلات المستخدم بمرور الوقت، وتقديم توصيات، وتوقع الاحتياجات أيضًا. وفضلاً عن مراقبة البيانات والقصد، يمكنها بدء المحادثات. ومن أمثلة روبوتات المحادثة التنبؤية المنقادة بواسطة البيانات والموجهة نحو المستهلك Siri من Apple وAlexa من Amazon‎.

تتمكن المساعدات الرقمية المتطورة أيضًا من ربط العديد من روبوتات المحادثة أحادية الغرض تحت برنامج شامل واحد، والحصول على معلومات متباينة من كل منها، ثم دمج هذه المعلومات لتأدية مهمة مع الإحاطة بالسياق في الوقت نفسه حتى لا يصبح روبوت المحادثة "مرتبكًا".

القيمة التي تحققها روبوتات المحادثة للشركات والعملاء

تعمل روبوتات المحادثة على تعزيز الكفاءة التشغيلية وتحقيق وفورات في التكاليف للشركات مع توفير الراحة والخدمات الإضافية للموظفين والعملاء. كما أنها تتيح للشركات حل العديد من استفسارات العملاء والمشكلات بسهولة مع تقليل الحاجة إلى التفاعل البشري.

يمكن باستخدام روبوتات المحادثة أن توسّع الشركة نطاقها وتُضفي الطابع الشخصي، وتضطلع بدور استباقي وكل ذلك في الوقت نفسه وهي صفة رئيسية. فمثلاً، يؤدي الاعتماد فقط على القوة البشرية إلى اقتصار الشركة على خدمة عدد محدود من الأشخاص في وقت واحد. ولتكون فعّالة من حيث التكلفة، تضطر الشركات العاملة بالطاقة البشرية إلى التركيز على النماذج الموحّدة وتكون محدودة في قدراتها الاستباقية والشخصية للوصول.

على النقيض من ذلك، تتيح روبوتات المحادثة للشركات التعامل مع عدد غير محدود من العملاء بطريقة شخصية ويمكن توسيع نطاقها أو تضييقه وفقًا لاحتياجات العمل والمتطلبات. ومن خلال استخدام روبوتات المحادثة، يمكن للشركة توفير خدمة مشابهة للبشر، ومخصّصة، واستباقية لملايين الأشخاص في الوقت نفسه.

تُظهر أبحاث المستهلك أن تطبيقات المراسلة أصبحت بشكل متزايد الطريقة المفضلة للتواصل مع الشركات فيما يتعلق بأنواع معينة من المعاملات. تتيح روبوتات المحادثة، التي يتم تقديمها عبر الأنظمة الأساسية للمراسلة، مستوى من الخدمة والراحة يتجاوز في كثير من الحالات ما يمكن للبشر تقديمه. فمثلاً، توفر روبوتات المحادثة في القطاع المصرفي متوسط يبلغ أربع دقائق في كل استعلام مقارنة بمراكز الاتصال التقليدية. كما توفر القدرات نفسها التي تساعد الشركات على تحقيق قدر أكبر من الكفاءة وخفض التكاليف فوائد للعملاء في شكل تجربة محسَّنة للعملاء. ما يعني أنها مسألة مربحة لجميع الأطراف.

لماذا تم إنشاء روبوتات المحادثة؟

يُقصَد بالرقمنة تحويل المجتمع إلى جمهور تصبح "الهواتف المحمولة ضرورة أولى" له. ومع تزايد الإقبال على استخدام تطبيقات المراسلة، يزداد اضطلاع روبوتات المحادثة بدور مهم في هذا التحول القائم على التنقل. غالبًا ما تكون روبوتات المحادثة الحوارية الذكية واجهات لتطبيقات الهاتف المحمول كما أنها تُغيّر الطريقة التي تتفاعل بها الشركات والعملاء.

تسمح روبوتات المحادثة للشركات بالتواصل مع العملاء بطريقة شخصية دون تكبد نفقات الممثلين من البشر. فمثلاً، تتسم العديد من الأسئلة التي يطرحها العملاء أو المشكلات التي يواجهونها بأنها شائعة وتسهل الإجابة عنها. لهذا السبب، تُنشئ الشركات أدلة استكشاف الأخطاء وإصلاحها والأسئلة الشائعة. تُقدم روبوتات المحادثة بديلاً شخصيًا للدليل أو الأسئلة الشائعة المكتوبة ويمكنها كذلك فرز الأسئلة، بما في ذلك تسليم إحدى مشكلات العميل إلى شخص حقيقي إذا أصبحت المشكلة معقدة للغاية لدرجة يصعب على روبوت المحادثة حلها. وقد ذاع صيت روبوتات المحادثة باعتبارها موفرًا للوقت والأموال للشركات وعامل راحة إضافية للعملاء.

كيفية تطور روبوتات المحادثة

يمكن القول بأن أصل روبوت المحادثة يكمن في رؤية Alan Turing’s 1950s للأجهزة الذكية. تقدَّم الذكاء الاصطناعي، وهو الأساس لروبوتات المحادثة، منذ ذلك الوقت ليشمل أجهزة الكمبيوتر العملاقة فائقة الذكاء مثل Watson من شركة IBM.

كان روبوت المحادثة الأصلي هو شجرة الاتصال، التي قادت عملاء الاتصال الهاتفي الذين يتبعون مسارًا مرهقًا ومحبطًا في الغالب يتمثل في تحديد خيار تلو الآخر للدخول في نموذج خدمة آلي للعملاء. وطورت التحسينات في التكنولوجيا والتطور المتزايد في الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML) ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) هذا النموذج إلى محادثات منبثقة على الشاشة ومباشرة. واستمرت رحلة التطور.

بفضل المساعدات الرقمية الحالية، يمكن للشركات توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي لتوفير تفاعلات تتسم بأنها أكثر راحة وفاعلية بين الشركات والعملاء—مباشرة من الأجهزة الرقمية للعملاء.

الاستخدامات الشائعة لروبوتات المحادثة

تُستخدم روبوتات المحادثة كثيرًا لتحسين تجربة إدارة خدمات تكنولوجيا المعلومات، والتي تتعمق في مجال الخدمة الذاتية وأتمتة العمليات المقدمة للموظفين الداخليين. مع روبوتات المحادثة الذكية، يمكن أتمتة المهام الشائعة، مثل عمليات إعادة تعيين كلمات المرور وتحديثات حالة النظام وتنبيهات الانقطاع وطلب المستلزمات وإدارة المعرفة بسهولة وإتاحتها على مدار الساعة، مع توسيع نطاق الوصول إلى واجهات المحادثة القائمة على الصوت والنص شائعة الاستخدام.

على الجانب التجاري، يتم استخدام روبوتات المحادثة في معظم الأحيان في مراكز الاتصال بالعملاء لإدارة الاتصالات الواردة وتوجيه العملاء إلى المورد المناسب. وتُستخدَم بشكل متكرر أيضًا لأغراض داخلية، مثل استيعاب الموظفين الجدد ومساعدة جميع الموظفين في الأنشطة الروتينية، بما في ذلك جدولة العطلات، والتدريب، وترتيب أجهزة الكمبيوتر ولوازم الأعمال، وأنشطة الخدمة الذاتية الأخرى التي لا تتطلب تدخلاً بشريًا.

على جانب المستهلك، تؤدي روبوتات المحادثة مجموعة متنوعة من خدمات العملاء، بدءًا من طلب تذاكر الأحداث وحتى الحجز والتسجيل في الفنادق ومقارنة المنتجات والخدمات. ويشيع استخدام روبوتات المحادثة أيضًا في تنفيذ أنشطة العملاء الروتينية في قطاعات المصارف والتجزئة والأغذية والمشروبات. بالإضافة إلى ذلك، يتم تمكين العديد من وظائف القطاع العام بواسطة روبوتات المحادثة، مثل إرسال الطلبات لخدمات المدينة، والتعامل مع الاستعلامات المتعلقة بالمرافق، وحل مشكلات الفواتير.

أسباب أهمية الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات عندما يتعلق الأمر بروبوتات المحادثة

تنحصر كل من المزايا وأوجه القصور الخاصة بروبوتات المحادثة داخل نطاق الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات التي تحرّكها.

اعتبارات الذكاء الاصطناعي: للذكاء الاصطناعي دور بارع جدًا في أتمتة العمليات العادية والمتكررة. وفي حال دمج الذكاء الاصطناعي (AI) في روبوت محادثة لأداء مثل هذه الأنواع من المهام، يعمل روبوت المحادثة عادةً جيدًا. ورغم هذا، إذا تم توجيه طلب لروبوت محادثة يتجاوز قدراته أو يجعل مهمته أكثر تعقيدًا، فقد يجد روبوت المحادثة صعوبة—وقد يؤثر ذلك سلبًا على الأعمال والعملاء. ثمّة أسئلة ومشكلات قد تعجز روبوتات المحادثة ببساطة عن الإجابة عنها أو حلها—ومن الأمثلة على ذلك مشكلات معقدة تتعلق بالخدمة تتضمن عددًا كبيرًا من المتغيرات.

يمكن للمطورين العمل على مواجهة أوجه القصور هذه عن طريق إضافة بند للطوارئ إلى تطبيق روبوت المحادثة يوجّه المستخدم إلى مورد آخر (مثل وكيل مباشر) أو يطالب عميلًا ما بطرح سؤال آخر أو مشكلة مختلفة. وقد تتمكن بعض روبوتات المحادثة من التحرك بسلاسة عبر عمليات الانتقال من روبوت المحادثة إلى الوكيل المباشر ثم العودة مرة أخرى. وستصبح روبوتات المحادثة والمساعدات الرقمية أكثر انسيابية في الاندماج في تجربتنا اليومية نتيجة استمرار تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (AI) والتنفيذ.

اعتبارات البيانات: تستخدم جميع روبوتات المحادثة بيانات يمكن الوصول إليها من مجموعة متنوعة من المصادر. وما دامت البيانات عالية الجودة وتم تطوير روبوت المحادثة بطريقة صحيحة، فستكون البيانات عامل تمكين لروبوت المحادثة. ومع ذلك، إذا كانت جودة البيانات رديئة، فسيشكّل ذلك قيودًا في طريق أداء روبوت المحادثة لوظيفته. وحتى لو كانت جودة البيانات جيدة، ولكن لم يكن تدريب التعلم الآلي (ML) لروبوت المحادثة قد صُمم بطريقة مناسبة أو كان غير خاضع للإشراف، فقد يكون أداء روبوت المحادثة سيئًا—أو على أقل تقدير غير متوقع.

بعبارة أخرى، يكون روبوت المحادثة جيدًا بقدر جودة الذكاء الاصطناعي (AI) والبيانات المصمَّمة بداخله.

هل روبوتات المحادثة سيئة؟

ثمّة بعض المفاهيم الخاطئة المرتبطة بمصطلح روبوت المحادثة. ورغم استخدام مصطلحي روبوت المحادثة والروبوت أحيانًا على سبيل الترادف، يُعرَّف الروبوت ببساطة على أنه برنامج آلي يمكن استخدامه لأغراض مشروعة أو مؤذية. ترجع هذه الدلالة السلبية لكلمة روبوت إلى ما شهده من تاريخ حافل من المتسللين الذين يستخدمون برامج آلية للتسلل إلى النظام البيئي الرقمي والاستيلاء عليه وإحداث فوضى بوجه عام به.

لهذا السبب، لا ينبغي الخلط بين مفهومي الروبوتات وروبوتات المحادثة. وعلى العموم، لم تشهد روبوتات المحادثة تاريخًا للاستخدام لأغراض القرصنة. فروبوتات المحادثة عبارة عن أدوات حوارية تؤدي المهام الروتينية بكفاءة. وتنال هذه الروبوتات إعجاب الأشخاص لأنها تساعدهم على إنجاز تلك المهام بسرعة حتى يتسنى لهم تركيز انتباههم على أنشطة المشاركة والأنشطة الإستراتيجية رفيعة المستوى التي تتطلب قدرات بشرية لا يمكن للآلات محاكاتها.

هل تريد إنشاء روبوت محادثة؟ الأمر أبسط مما تتصور.

هناك العديد من الأدوات المتاحة على نطاق واسع التي تتيح لأي شخص إنشاء روبوت محادثة. وبعض هذه الأدوات تكون موجّهة للاستخدامات في قطاع الأعمال (مثل العمليات الداخلية) والبعض الآخر يكون موجّهًا للمستهلكين.

يُشبه إنشاء روبوت محادثة إنشاء تطبيق للهاتف المحمول ويتطلب خدمة أو نظامًا أساسيًا للمراسلة للتسليم. علاوة على ذلك، مع وجود جميع الأدوات التي يسهل الوصول إليها لإنشاء روبوت محادثة، فلن تحتاج إلى أن تكون خبيرًا أو حتى مطورًا لإنشاء أحدها. يجب أن يكون مدير المنتجات أو المستخدم في قطاع الأعمال قادرًا على استخدام هذه الأنواع من الأدوات لإنشاء روبوت محادثة في مدة وجيزة قدرها ساعة.

مستقبل روبوتات المحادثة

أين يتجه تطور روبوتات المحادثة؟ سيتم استخدام روبوتات المحادثة، مثل غيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي (AI)، لزيادة تعزيز القدرات البشرية وإطلاق العنان للبشر ليصبحوا أكثر إبداعًا وابتكارًا، مما يؤدي إلى قضاء المزيد من أوقاتهم في الأنشطة الإستراتيجية وليس الأنشطة التكتيكية.

في المستقبل القريب، عندما تكون تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) مصحوبة بتطوير تقنية 5G، من المرجح أن تتمتع الشركات ويتمتع الموظفون والمستهلكون بميزات روبوتات المحادثة المحسنة، مثل التوصيات والتنبؤات الأسرع وسهولة الوصول إلى مؤتمرات الفيديو عالية الدقة من خلال محادثة. هذه الإمكانيات وغيرها في مراحل التحقيق وستتطور بسرعة مع تقدم الاتصال بالإنترنت وتطور الذكاء الاصطناعي (AI)، ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP)، والتعلم الآلي (ML). وفي النهاية، يمكن أن يكون لكل شخص مساعد شخصي يعمل بكامل طاقته ويتمتع الشخص بالسيطرة التامة عليه، مما يجعل عالمنا مكانًا أكثر كفاءة وترابطًا للعيش والعمل فيه.